ان
المؤمن الذي لامس الايمان شغاف قلبه يغمره الشعور بنعمة الله عليه في كل
حين وفي كل حال لايفقد هذا الشعور وان اصابته الباساء والضراء وهزته زلازل
الحياة.ذكر بن حبان عن طريق عبد الله بن محمد قال :خرجت
الي ساحل البحر مرابطا وكان رباطنا يومئذ عريش مصر فلما انتهيت الي الساحل
فاذا انا ببطيحة (مكان متسع يمر به السيل فيترك فيه الرمل والحصي ) وفي
البطيحه خيمه فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وثقل سمعه وبصره وما له من جاحة
تنفعه الا لسانه وهو يقول:اللهم اوزعني ان احمدك حمدا اكافئ به شكر نعمتك التي انعمت بها علي وفضلتني علي كثير ممن خلقت تفضيلا
قلت:والله للآتين هذا الرجل ولاسألنه اني له هذا الكلام .فهم ام علم ام الهام الهمه؟!
فأتيت الرجل فسلمت عليه فقلت : سمعتك وانت تقول (اللهم اوزعني ان احمدك حمدا......................)
فأي نعمة من نعم الله تحمده عليها؟
وأي فضيلة تفضل بها عليك تشكره عليها؟
قال:وما تري ما صنع ربي بي؟
والله لو ارسل السماء علي نار فاحرقتني.. ولو امر الجبال فدمرتني ..وأمر البحار فاغرقتني
وامر الارض فبلعتني ...ما ازدت لربي الا شكرا لما انعم علي من لساني هذا.
قال:ولكن يا عبد
الله اذا اتيتني لي اليك حاجة قد تراني علي اي حالة انا . انا لست اقدر
لنفسي علي ضر او نفع ولقد كان معي ابن لي يتعهدني في وقت صلاتي فيوضيني.
واذا جعت اطعمني واذا عطشت سقاني ولقد فقدته منذ 3ايام فتحسسه لي -رحمك
الله-
قلت:والله مامشي خلق في حاجة خلق كان اعظم عند الله اجرا ممن مشي في حالة مثلك.
فمضيت في طلب الغلام فما مضيت غير بعيد حتي صرت بين كثبان الرمل فاذا انا بالغلام قد افترسه سبع واكل لحمه.
فاسترجعت(اي قال انا لله وان اليه راجعون)وقلت :اني لي وجه رقيق آتي به الرجل ؟
فبينما انا مقبل عليه اذا خطر علي قلبي ذكر ايوب النبي فلما اتيته سلمت عليه فرد علي السلام
فقال :ألست بصاحبي؟
قلت:بلي.
قال :ما فعلت بحاجتي؟
قلت:انت اكرم علي الله ام ايوب النبي؟
قال:بل ايوب النبي
قلت:هل علت ما صنع به ربه؟ اليس ابتلاه بماله وآله وولده؟
قال:بلي.
قلت:فكيف وجده؟
قال:وجده صابرا شاكرا حامدا.
قلت:لم يرض منه ذلك حتي اوحش منه اقربائه واحبائه
قال:نعم
قلت:فلم يرض منه ذلك حتي صيره غرضا لمار الطريق هل علمت؟
قال:نعم
قلت:فكيف وجده ربه؟
قال:صابرا شاكرا حامدا.اوجز رحمك الله.
قلت:ان الغلام الذي ارسلتني في طلبه وجدته بين كثبان الرمال وقد افترسه سبع فاكل لحمه فاعظم الله لك الاجر والهمك الصبر.
فقال المبتلي:الحمد لله الذي لم يجعل من ذريتي خلقا يعصيه فيعذبه بالنار. ثم استرجع وشهق شهقة فمات.
فقلت:انا لله وانا
اليه راجعون. عظمت مصيبتي رجل مثل هذا ان تركته اكلته السباع ,وان قعدت لم
اقدر علي ضر ولا نفع ,فسجيته بشملة كانت عليه وقعدت عند راسه باكيا.
فبينما انا قاعد اذ تهجم علي اربعة رجال فقالوا : ياعبد الله ما حالك؟ وما قصتك؟
فقصصت عليهم قصتي وقصته.
قالوا لي:اكشف عن وجهه,فعسي ان نعرفه
فكشفت عن وجهه فانكب القوم عليه يقبلون
عينيه مره ,ويديه مرة اخري, ويقولون: بأبي عين طالما غضت عن محارم الله ,
وبابي جسم طالما كان ساجدا والناس نيام.
فقلت:من هذا يرحمكم الله؟
فقالوا:هذا ابو قلابه الجرمي , صاحب بن عباس لقد كان شديد الحب لله ورسوله
فغسلناه وكفناه بأثواب كانت معنا وصلينا عليه ودفناه
فانصرف
القوم وانصرفت الي رباطي , فلما جن الليل وضعت رأسي فرأيته فيما ير النائم
في روضة من رياض الجنة وعليه حلتان من حلل الجنة وهو يتلو الوحي:
( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار)
فقلت :ألست بصاحبي؟
قال :بلي!
قلت :اني لك هذا ؟
قال :ان لله درجات لاتنال الابالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء ,مع خشية الله-عز وجل-في السر والعلانية.
*لاتنسونا بالدعاء*